المحاكمةُ العادلة هي الضمانُ الوحيد "للمتهمين في ملَف الفساد

جمعة, 03/26/2021 - 07:26

يعتبرُ القضاء مرفقا عموميا مستقلا؛ ينحصر دوره في حل النزاعات بين الخصوم،  وتحقيق العدالة بين   الناس، دون تمييز ...لذا يفترض أن يكون هذا المرفق الهام  مستقلاً ومحايدا عن السلطة التنفيذية والتشريعية؛ وذلك انطلاقا من مبدإ الفصل بين السلطات الذي نادى به المفكر الفرنسي "مونتيسكو" الذي يقتصى  هذا الأخير  أن تظل كل سلطة من سلطات الدولة مستقلة عن الأخرى بصلاحياتها واختصاصاتها دون تأثير، مع العلم أن هذا الفصل يبقى نسبيا وليس مطلقا.

وعلى هذا الأساس نتمنى أن يكون القضاء الموريتاني مستقلا وموضوعيا في ملفِّ الفساد الذي بين أيديه، فالكرة الآن في مرماه.....إما أن يُثبَت جدارته واستقلاله أو العكس.

فلا شك أن  "ملفَّ الفساد" معَقَّدٌ للغاية نظرا للتجاذباته السياسية بل وحتى الاجتماعية؛ مما قد يؤثر سلبا على القضاء؛  فمحاسبة المفسدين أمر لم يعد معهودا لدى القضاء، وخاصة بحجم كهذا؛

لذا نأمل أن تتمَّ محاكمة هؤلاء  الأشخاص المتهمين في ضلوعهم  في عمليات الفساد، في  ظل أسس  محاكمة عادلة بعيدا عن تصفية الحسابات السياسية، أو استغلال العواطف القبلية أو الجهوية،
 فالمتهم بريء مالم تثبث إدانته؛ وله حقوق يجب أن تصان وذلك باتباع الإجراءات المسطرية المعمول بها،  بما في ذلك الضمانات القانونية والقضائية المطلوبة للمحاكمة العادلة، والتي من آكدها  :
     
 
1- استقلال السلطة القضائية : 

يعتبر استقلال السلطة القضائية ركيزة أساسية لدعم وترسيخ أسس المحاكمة العادلة، فالسلطة القضائية يفترض أن تكون مستقلة عن السلطة التشريعية والتنفيذية، وفقا لمقتضيات  الدستور الموريتاني.

2- افتراض قرينة البراءة :  

فالمتهم بريئ حتى تثبث إدانته من طرف  هيئة قضائية شرعية مستقلة، وفقا لمقتضيات المادة 13 من دستور 1992 للجمهورية الإسلامية الموريتانية،  و كذالك المادة الأولى من الأمر القانوني رقم 2007- 036 الذي يتضمن مراجعة الأمر القانوني رقم 83- 163 المتضمن مراجعة قانون الاجراءات الجنائية:
 "كل شخص تم اتهامه أو متابعته بريئا إلى  أن تثبث إدانته قانونا بقرار حائز على قوة الشيئ المقضي به".

وقد تم تكريس هذا المبدإ أيضا  في  الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الذي أقرته الجمعية العامة للأمم المتحدة بتاريخ 10 دجمبر 1948 حيث نص  على : " كل شخص متهم بجريمة يعتبر بريئا إلى أن تثبث إدانته قانونا بمحكمة علنية تؤمن له فيها الضمانات الضرورية للدفاع عنه"

3- حق الدفاع عن نفسه :
 إذ من حق المتهم أو المعتقل توكيل محام بغية الدفاع عنه.

4- علنية المحاكمة :

يجب أن تكون المرافعات علنية ما لم  يكن في علنيتها  خطر على النظام العام، وفق ما ورد في المادة 276 من قانون الإجراءات الجنائية.

5- الاستعانة بمترجم عند الضرورة:

الاستعانة بمترجم  في حالة  ما إذا كان المتهم  لايتقن اللغة العربية، وهذا ما أشار إليه المشرع الوطني في صلب المادة 366 من الإجراءات الجنائية  "في حالة ما إذا كان المتهم لا يحسن اللغة العربية أو كان من الضرورية تقديم وثيقة في ملف المرافعات ؛ يعين من تلقاء نفسه مترجما لا يقل عمره عن 18 عشرة سنة ويحلفه على أن يقوم بمهمته بإخلاص".

وانطلاقا من تطبيق هذه المبادئ الضرورية لأي محاكمة عادلة، فإن محاكمة هؤلاء المتهمين ستكون عادلة ومنصفة، وعندها سيثبت القضاء استقلاله؛ وسنكون في ظل دولة القانون والمؤسسات؛ أو العكس لا سامح الله.

 باحث في القانون الخاص  :  المختار أحمد بدات

إعلانات

تابعونا