نواكشوط (صحراء نيوز) بداية العام 2020 كانت البشرية على موعد غير متوقع مع حدث بدا للوهلة الأولى أنه سيغير نمط الحياة المعهود ، وقد يستمر ذلك التأثير ليشمل حتى اختياراتنا التي كانت تأتي بمحض الإرادة .
انتشار مذهل للوباء عطل جميع مناحي الحياة وجعل العالم يترقب الإعلان عن التوصل للقاح أو أي شيء قد يقي من خطره ، شركات ومخابر ومؤسسات بل دول بدأت السباق نحو الإنفراد بإنقاذ بالبشرية... أو هكذا كان يروج الخطاب
أربعُ إلى خمس لقاحات أعلن عنها عالميا ، ودخلت موريتانيا على غرار باقي دول العالم السباق لاقتناء كميات من اللقاحات المعلنة عن طريق التحالفات والمنظمات والعلاقات الدبلوماسية .
اللقاحات الموجودة بالبلاد حسب وزارة الصحة هي سترازينيكا و جونسون أند جونسون ولقاح سينوفارم الصيني .
اللقاح كحل وحيد أمام انتشار الوباء أدخل الحكومة الموريتانية معركة جديدة لتكثيف إقبال المواطنين غير الراغبين في التطعيم ، فأطلقت حملة أولى بتاريخ 26 مارس ولم تتجاوز نسبتها المئوية 8% كما صرح بذلك وزير الضحة في مقابلة مع التلفزيون الرسمي .
وسائل ضغط عدة اتخذتها السلطات لتدفع المواطنين إلى مراكز التطعيم ، ففرضته على الموظفين ومرتادي الإدارات الخدمية وكافة العاملين في المراكز والمرافق الحكومية ، وطالبت الجميع بالإقبال على التلقيح .
وضعية عايشها الشيخ المسن محمد الشيخ الذي يرى فيها "نوعا من عدم احترام الخصوصية وإلزام غير لائق بأمور لم يقتنع بها الكثير من الناس " مضيفا " لقد تم إلزامي وعدد من زملائي في العمل بالتلقيح ووجدنا في ذلك نوعا من المساس بحرياتنا الشخصية ولكن مراعاة منا لضرورة الاستمرار في العمل وحرصا على السلامة العامة قررنا المضي قدما وأخذنا اللقاح ، كان ذلك خلال الحملة الثانية التي أطلقتها السلطات في 5 إبريل " .
مايراه محمد الشيخ ضغطا وعدم احترام لحق الاختيار يجد فيه أبوه ولد المجتبى (30) سنة نوعا من " الضرورة للحفاظ على الجميع ، فكان من اللازم أخذ خطوة كهذه لعدم اكتراث كثير من الموريتانيين باللقاح ولا الفيروس أصلا" مردفا " ليس من المعقول أن تقتني الدولة اللقاحات من دول عديدة والعالم كله يريد هذه الجرعات وتتركها تفسد وهي تتفرج لأن مواطنا لايكترث للعواقب لايريد تلقي لقاح ضد كورونا ويعتبر ذلك من خضوصيته وحريته الشخصية ، أتفق مع هؤلاء في جانب وأخالفهم في جوانب أخرى حين يتعلق الأمر بالكل دون الفرد الواحد ، لقد كانت خطوة متوقعة وآتت أكلها وماينتظر منها " يقول ولد المجتبى.
الجهات الصحية بالبلاد تؤكد على ضرورة أخذ اللقاح بصفته الحل الوحيد المتوفر للوقاية من تداعيات كورونا .
فيما يتحفظ الدكتور تقي الله ولد الشيخ سعدبوه في حدثه عن الإلزامية والتخيير مكتفيا بقوله " ليس لدي جواب بالتحديد في ما يخص إلزامية الأشخاص لأن دور الطبيب هو تفسير هدف اللقاح و إيجابياته و بأن أخذ اللقاح المضاد لكوفيد يساهم في القضاء على هذه الجائحة و الرجوع للحياة الطبيعية إن شاء الله ، طبعا مع الإلتزام بالإجراءات الإحترازية ".
الجهات الحقوقية تعتبر "التلقيح وسيلة لضمان سلامة الآخرين" يؤكد الناشط الحقوقي وأستاذ التعليم الثانوي المعلوم أوبك مضيفا أنه " مادامت منظمة الصحة العالمية التي تعتبر إحدى ميكانيزمات الأمم المتحدة التي يفترض أنها ذراع دولي لضمان حقوق الإنسان فإن التأكيد على تلقيح الأفراد وكافة الطواقم هو مسألة ينبغي أخذها بعين الاعتبار ، خاصة في ظل الإكراهات والتحديات الجديدة التي يفرضها الخوف من ظهور متحورات جديدة في بعض دول لعالم ، ونعتبر بإن التوجه نحو التلقيح هو خيار إنساني بالدرجة الأولى لأنه حماية للفرد في هذه المرحلة ".
نسبة الملقحين ضد فيروس كورونا تجاوزت 13% من مجموع السكان ، نسبة دفعت الصحة العالمية إلى تهنئة الدولة الموريتانية على المستوى الذي بلغته معتبرة إياه يوافق الغرض العالمي من التطعيم ، النسبة المعلنة تقسمها وازارة الصحة بين لقاح سترازينيكا وجونسون وسينو فارم ولقاح جاء من مبادرة كوفاكس دون تحديد أرقام دقيقة لذلك.
مابين التدخل في الخصوصية وسلب حرية الاختيار واستخدام طرق للضغط على المواطن من أجل زيادة عدد المطعمين دون اقتناعهم كما يروج خطاب البعض ، وبين ضرورة اتخاذ موقف صارم للحد من تفشي الوباء ولأجل السلامة العامة كما يعتقد البعض ، تتنزل حقيقة أن اللقاح ضرورة تمليها الظرفية على الجميع من أجل تجاوز مرحلة مراحل من عمر البشرية حفظتها الذاكرة العالمية ويتمنى الجميع تجاوزها دون العودة للمربع الأول ثانية خاصة بعد ظهور متحورات جديدة من الفيروس .
تم نشر هذا التقرير بدعم من JDH / JHR - صحفيون من أجل حقوق الإنسان والشؤون العالمية في كندا.