قال الرئيس الموريتاني محمد ولد الشيخ الغزواني إن الهدف من التشاور المرتقب بين أطراف المشهد السياسي هو «تسهيل عمل مختلف الفاعلين السياسيين، ومواكبتهم في تحديد المشاكل التي يجب تقديم حلول لها»، مشيرا إلى أن الحكومة ستلعب دور «الحكم والمراقب» بين الأطراف المشاركة في التشاور.
وعبر ولد الغزواني في مقابلة مع صحيفة «لوبينيوه» الفرنسية، نشرت اليوم الأحد، عن أمله في أن يسفر التشاور عن «أفكار ستساهم في التحسين من الحوكمة، وترسيخ دعائم الحكم الرشيد» في موريتانيا.
وأوضح ولد الغزواني أن التشاور المرتقب لا يأتي في سياق «أزمة سياسية» ولا من أجل تلطيف المناخ السياسي في البلد، ثم أضاف: «منذ وصولي إلى السلطة بادرت إلى خلق جو سياسي هادئ، وحين وصلتني مقترحات الطيف السياسي ببدء تشاور، وافقت على الفكرة».
الحرب على الإرهاب
وفي سياق الحديث عن ما يعرف بـ «الحرب على الإرهاب»، قال الرئيس الموريتاني إن بلاده دخلت هذه الحرب حين «لم يكن لديها تنسيق أمني بين قطاعاتها الحكومية، والجيش لم يكن مستعدا لخوض حرب ضد جماعات مسلحة سريعة الحركة وخفيفة العتاد».
وأوضح ولد الغزواني أن «أول ما بدأت به موريتانيا، بعد العمليات الإرهابية بين أعوام 2005 و2007، هو وضع استراتيجية شاملة يشارك فيها المواطنون العاديون ومختلف القطاعات الوزارية».
وقال إن «الاستراتيجية ذات البعدين المدني والعسكري، تكمن في فتح المجال أمام وزارات الشؤون الإسلامية والتعليم الأصلي والداخلية والدفاع من التنسيق فيما بينها، من أجل مراقبة المتشددين، أما على المستوى العسكري فأنشئت وحدة خاصة للتدخل، لديها نفس خصائص الجماعات المسلحة الإرهابية من حيث السرعة في التحرك والاستقلالية، لكنها أكثر من حيث العدة والعتاد».
وأضاف الرئيس الموريتاني أن هذه الوحدة الخاصة «تلقت تدريبا وتكوينا من قبل مستشارين وخبراء عسكريين فرنسيين».
وخلص إلى التأكيد على أن «هذه الاستراتيجية أعطت أكلها بعد دحر الإرهابيين داخل الأراضي المالي»، مشيرا إلى أن ما حدث هو «توازن في الرعب».
مالي وفاغنير الروسية
وفي أول تعليق من أحد قادة دول الساحل على الاتفاق بين مالي وقوات فاغنير الخاصة الروسية، قال ولد الغزواني إنه أرسل وفدا إلى دولة مالي «لاستجلاء حقيقة الأمر»، مشيرا إلى أن «أي دولة عضو في مجموعة دول الساحل الخمس، لا يجب أن تقبل أي وجود عسكري دن التنسيق المسبق مع بقية الدول».
ورفض الرئيس الموريتاني أن تكون فرنسا قد تخلت عن مالي، في حربها على الجماعات الإسلامية المسلحة، وقال إن «فرنسا لم تنسحب من مالي، بل غيرت من استراتيجيتها في المنطقة من خلال إعادة تموضع جيشها، مما سيخول لجيوش دول المنطقة الدفاع عن نفسها ضد الإرهاب».
وأكد ولد الغزواني قائلا: «لا يجب أن نعتبر أن إعادة تموضع القوات الفرنسية سيفضي إلى فوضى في مالي. هذا الإجراء جاء بحثا عن فعالية أكثر».
وأضاف: «الحرب ضد الإرهاب يجب أن تقودها جيوش المنطقة، وليس فرنسا أو أمريكا أو أي شريك آخر».
وأوضح أن كلية الدفاع في انواكشوط «تخرج ضباطا سامين يتشاركون نفس المقاربات حول الدفاع والأمن في المنطقة».
المغرب العربي
وحول الأزمة الدبلوماسية المتصاعدة بين المغرب والجزائر، وقرار الأخيرة قطع العلاقات مع الأولى، قال ولد الغزواني إنه «يعول على حكمة قادة البلدين» لتجاوز الأزمة.
وقال: «موريتانيا تراهن على حكمة البلدين الشقيقين، الذين تجمعهما مع موريتانيا علاقات قوية»، وأكد أنه «ليست هنالك بوادر تصعيد ولا يتمنى ذلك، لكن الوضع قد تكون له تداعيات على الوحدة المغاربية».
وعبر في الوقت ذاته عن استعداد موريتانيا للعب دور الوسيط بين البلدين «إذا ما طلب منها ذلك».
الخليج
وأسهب الرئيس الموريتاني في الحديث عن العلاقات مع دول الخليج، وخاصة ملف الديون الكويتية، وقال إن «الكويت من أقدم وأهم الشركاء الدوليين لموريتانيا، وبرهنت على كرمها تجاه البلد بمسادعته على حل مشكل الديون».
وأضاف ولد الغزواني أن «نسبة الفوائد في الديون الكويتية قاربت مليار دولار، وتم إلغاء 95 في المائة منها، في حين يبلغ الدين الأصلي 82 مليون دولار، يسرت الكويت شروط تسديدها».
أما السعودية فقال ولد الغزواني إنها «شريك قيم يواكب جهود موريتانيا»، فيما قال إن الإمارات «دائما ما تستجيب لطلبات المساعدة القادمة من موريتانيا»، وهو ما قال إنه «يتجلى في تلبية الإمارات طلب موريتانيا بناء كلية الدفاع في انواكشوط».
وختم حديثه عن العلاقات مع دول الخليج، بالإشارة إلى العلاقات مع دولة قطر، التي قال إنها «عرفت انقطاعا، لكن الأمور عادت إلى طبيعتها»، مؤكدا أن «السفارة الموريتانية في الدوحة سيتم فتحها».