نواكشوط (صحراء نيوز) توجد في دائرتنا السياسية محطات تلتمع فيها أضواء كاشفة؛ لا تكشف فقط عن حجم الصراع على تعريف الولاء السياسي وسط النخب السياسية في ولاية لبراكنة، بل تتجاوز ذلك إلى لفت الانتباه إلى التحولات الجديدة التي تعيشها هذه النخب، على الرغم مما تشهده من صراعات وشغب. وأهم ما في هذه التحولات أننا أمام بدايات جديدة لإعادة تعريف الولاء السياسي بما لا يتناقض مع تقاليد الحياة السياسية في الولاية عموما حتى لا أحصره في قالب مقاطعي ضيق، ولكنه يعيد ترتيب معايير الولاء السياسي لتكون أكثر وضوحا وميلا إلى مفهوم الدولة الوطنية الديمقراطية في منظور متسيسة أهل لخيام هذا من جهة.
من جهة أخرى من المعلوم والمسلم به في قاموسنا السياسي أن المواقف السياسية لدينا متغيرة بتغير الأفراد، وذلك طبعا لأنها مواقف لم تبن على مبادئ والممارسة السياسية عندنا لعبة لمصالح ضيقة وليست لعبة لذاتها ولا حتى نمارسها كفن الممكن أو المتاح بل هي مبنية على الكذب والخداع لصالح قوت يوم أو رصيد ساعة، لامن أجل مصلحة مجتمع وبقاء أمة.
لعل التغييرات التي شهدتها المؤسسة العسكرية مؤخرا قد تغير في مواقف بعض المتسيسة ممن تعلق ولاؤهم بمناصب معينة طمعا في رتب أصحابها واستقلالا لمكانتهم الوظفية وعليه فإن تقاعد بعض كبار الضباط في مؤسستنا العسكرية ممن كان لهم تأثير جيو اجتماعي في مناطق معية قد يغير الوجهة السياسية لدى الكثير من منتسبي الأحلاف خاصة في ولاية لبراكنة التي تلقيت حظها من تقاعد الجنرالات خلال الأسبوع المنصرم
إن الممارسة التقليدية أو العتيقة في الولاية في بناء النخب السياسية اتسمت بالإزدواجية القائمة على التوازن الجهوي، وبالاستناد إلى مفهوم تقليدي للولاء السياسي، لا يلتفت إلى القيمة الفعلية للانتماء التي يعكسها الإنجاز والكفاءة.
وعلى الرغم من عقود خلت تم الاستناد فيها إلى شخصيات تقليدية وأخرى عسكرية وثالثة عرقية أوجدت نوعا من التنوع المحدود داخل حدود الممارسة السياسية ذاتها، كما يلاحظ أنها خلال العقدين الأخيرين شهدت تفريغا وضعفا غير مسبوق في تكوين هذه النخب.
إن أبرز ماسيسفر عنه هذا الوضع السياسي الذي تعيشه الولاية بصفة خاصة والذي يتسم في أغلب مشاهده بالإحتقان والصراع غير الممنهج ، أن يصبح من المنطقي التساؤل وبكل موضوعية عن حقيقة الولاء السياسي الذي يظهره الساكنة لبعض رجال الدولة والسياسية بمن فيهم جنرالاتها بعد إحالتة هؤلاء إلى التقاعد الوظيفي؟
والجواب على هذا التساؤل متروك لما ستسفر عنه الأيام المقبلة من تجاذبات سياسية تظهر في ولاية لبراكنة على شكل صراع الأحلاف حتى داخل الكتلة الحزبية الواحد (UPR) الذي ينتمي الغالبية إليه على اعتبار أنه الحزب الحاكم في الدولة.
كامل الود الأستاذ سيد احمد عبدي أمبارك