قال تعالى《قَالَ يَا قَوْمِ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كُنْتُ عَلَىٰ بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّي وَرَزَقَنِي مِنْهُ رِزْقًا حَسَنًا ۚ وَمَا أُرِيدُ أَنْ أُخَالِفَكُمْ إِلَىٰ مَا أَنْهَاكُمْ عَنْهُ ۚ إِنْ أُرِيدُ إِلَّا الْإِصْلَاحَ مَا اسْتَطَعْتُ ۚ وَمَا تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللَّهِ ۚ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ》 صدق الله العظيم
إن إصلاح التعليم لا بد أن ينطلق من الأسئلة الحقيقية التي يفرزها الواقع على جميع المستويات وطرح البدائل الشجاعة والضرورية لوضع مشروع الإصلاح على السكة الصحيحة التي تساير العصر والحداثة وتستجيب لحاجات المتعلمين والمجتمع والدولة وتؤسس لثورة ثقافية هادئة تمكن من التطور والتقدم مع الحفاظ على الثوابت الثقافية لتاريخ موريتانيا، فهل سيستطيع العقل السياسي من جهة والتربوي من جهة ثانية صياغة المشروع المجتمعي الحداثي وتأسيس المدرسة العمومية الجديدة لتحقيق آمال المجتمع؟ وهل ستتمكن الجهات المعنية بتدبير مشروع الإصلاح لاختيار النخب القادرة على رسم خارطة الطريق التي ستمكن من تحقيق النتائج والغايات المرجوة، أم أننا سنظل نصارع صخرة سيزيف كما في الأسطورة اليونانية القديمة؟
إن إصلاح التعليم الذي يعتبر ورشة وطنية استراتيجية معقدة لا يمكن أن ينجح إلا في إطار مقاربة شمولية معقدة كذلك بحيث أنه لا يمكن لجسم يعاني من أمراض خفية عميقة وبنيوية أن يعافى إذا اكتفينا بمعالجة الأعراض السطحية.
إن وضع أسس استراتيجية لبناء موريتانيا الغد، يلزمنا جميعا بتفعيل قوانين الاصلاح الجديدة في مختلف أبعادها بشكل كامل غير منقوص وهو ما لم يتحقق إلى حدود اليوم، و إن ترجمة المبادئ الكبرى خاصة ما يهم حقوق الإنسان كمدخل جوهري لبناء مدرسة جمهورية وطنية تستجيب للحد الأدنى لمتطلبات المواطنة الحقة و وضع الحواجز أمام تنامي ظاهرة التعليم الخصوصي الذي يكسر المجتمع إلى نوعين من المواطنين لأن التنمية الحقيقية تبدأ من ابن ذلك الفلاح البسيط الذي ينتظر من ابنه أن يكون مزارعا عصريا ينافس المنافس في دول أخرى لا أن يظل وراء محراث مرت عله آلاف السنين .
إن تفعيل مقاربة الإصلاح يستدعي كذلك تكوين جيل جديد من المدرسين يؤمنون بحب الطفل ويقدرونه أحسن تقدير مما يستلزم الرقي بمهنة التدريس وإعطاءها المكانة الاجتماعية اللائقة بها و إعادة الاعتبار للمدرس وجعل هذا مسؤولية يأخذها على عاتقه كل من الوجهاء والأسرة ،و المسؤول الوزاري، لكي نخلق وعيا جديدا يؤمن مساهمة كل واحد فينا بماله وجهده لجعل المدرسة تلك النواة التي تحمل حلم الأجيال والوطن .
كامل الإحترام والتقدير من الأستاذ سيد احمد عبدي