الإصلاح التربوي المتكامل:
لايخفى على لبيب أن المنظمومة التعليمية قبل سنوات قليلة ماضية كانت تعاني من اختلالات جوهرية انعكست على مستوى أدائها وجودة مخرجاتها فضلا عما خلفه ذلك الاختلال من فساد في العقلية بصورة عامة مما استدعى دخلا سريعا وإرادة صارمة تضع في الأذهان أن التعليم الصحيح بمثابة الجسر السليم الذي يحمل الأمم إلى بر الأمان.
من هنا تنطلق الورشة الكبرى لإصلاح النظام التعليمي من أجل الوصول إلى الأهداف المحددة وسعيا إلى تجسيد إرادة الدولة تنفيذا لتعهدات رئيس الجمهورية السيد: محمد ولد الشيخ الغزواني من أجل الوصول إلى المدرسة الجمهورية التي تعبر بصدق الاصلاح الحقيقي الذي نتوخى الوصول إليه.
إن مشروع إصلاح النظام التعليمي الذي جاء به وزير التهذيب الوطني وإصلاح النظام التعليمي السيد: محمد ماء العينين ولد أييه ينطلق من الأسئلة الحقيقية التي يفرزها الواقع على جميع المستويات، وطرح البدائل الشجاعة والضرورية لوضع مشروع الإصلاح على السكة الصحيحة التي تساير العصر والحداثة، وتستجيب لحاجات المتعلمين والمجتمع والدولة وتؤسس لثورة ثقافية هادئة تمكن من التطور والتقدم مع الحفاظ على الثوابت الثقافية لتاريخ موريتانيا.
إن صياغة المشروع التربوي المجتمعي الحداثي وتأسيس المدرسة الجمهورية الجديدة مشروع لتحقيق آمال المجتمع لذلك تحتاج الجهات المعنية بتدبير مشروع الإصلاح لاختيار النخب القادرة على رسم خارطة الطريق التي ستمكن من تحقيق النتائج والغايات المرجوة تعاون الجميع معها سبيلا إلى تحقيق الغاية المثلى التي نصبوا إليها جميعا ولكي لا نظل نصارع صخرة سيزيف كما في الأسطورة اليونانية القديمة.
إن إصلاح التعليم الذي يعتبر ورشة وطنية استراتيجية معقدة لا يمكن أن ينجح إلا في إطار مقاربة شمولية معقدة كذلك بحيث أنه لا يمكن لجسم يعاني من أمراض خفية عميقة وبنيوية أن يعافى إذا اكتفينا بمعالجة الأعراض السطحية، أما النقطة الجوهرية للإصلاح، فهي إصلاح وضعية المدرس المادية بما يضمن له حياة كريمة تمكنه من ممارسة عمله وتأدية مهامه دون التفكير في هموم الحياة.
إن وضع أسس استراتيجية لبناء موريتانيا الغد، يلزمنا جميعا بتفعيل قوانين الاصلاح الجديدة في مختلف أبعادها بشكل كامل غير منقوص وهو ما لم يتحقق إلى حدود اليوم، و إن ترجمة المبادئ الكبرى خاصة ما يهم حقوق الإنسان كمدخل جوهري لبناء مدرسة جمهورية وطنية تستجيب للحد الأدنى لمتطلبات المواطنة الحقة و وضع الحواجز أمام تنامي ظاهرة التعليم الخصوصي الذي يكسر المجتمع إلى نوعين من المواطنين لأن التنمية الحقيقية تبدأ من ابن ذلك الفلاح البسيط الذي ينتظر من ابنه أن يكون مزارعا عصريا ينافس المنافس في دول أخرى لا أن يظل وراء محراث مرت عله آلاف السنين .
إن تفعيل مقاربة الإصلاح يستدعي منا جميعا تكوين جيل جديد من المدرسين يؤمنون بحب الطفل ويقدرونه أحسن تقدير مما يستلزم الرقي بمهنة التدريس وإعطاءها المكانة الاجتماعية اللائقة بها، وإعادة الاعتبار للمدرس وجعل هذا مسؤولية يأخذها على عاتقه كل من الوجهاء والأسرة ،و المسؤول الوزاري، لكي نخلق وعيا جديدا يؤمن مساهمة كل واحد فينا بماله وجهده لجعل المدرسة تلك النواة التي تحمل حلم الأجيال والوطن.
ذ. سيد أحمد ولد عبدي
رئيس قسم المتابعة والتقويم في المفتشية العامة للتهذيب.