جلست يا طفل على عرش الصبر تشاهد الحياة حين تلاشت فصار العرش نعْشا... وبين تلك العروش و النعوش كنت الفارق الذي يعطي الحياة طعما يجعل القلب يسير في مجابات لا يدركها الصائحون لا تنمْ..لا تِرْكِدْ..يا شَبُّو..
لقد عرَكَتْ عرْكَةَ الأدِيمِ روحَ شبُّو هيْلَلَةُ جِيلِيةٌ..تجعلت ناسوتَ جسده مقهورا أمام لاهوته..فانبعثت روحه صابرةً صامدة صمود راسيات أفَلَّهْ ..صبر المرابطين في رباطات النور والخُبُوت برمال بُومَدْ.. مَدٌّ من الصبر في مُدٌّ من يقين..
مرحى يا أيها الصابرون..الذين خلقتم بالصبر جميل الحياة..تعلّمون أهلَ زَارَا مدينة العجائب أن صبر أيوب ببلاد آدُومْ شمال العقبة وصبر الجمل بصحراء زارا وصبر شبُّو بمُومديْد يعيد الحياة...القانطون وحدهم ميْتاتُهم متعددة.
نعم عادت الحياة..قبل ثلاثٍ ... وستزهر اليوم فجر هجرة الصبر بعد ليلة طويلة من مسير المهاجريْنِ ... من قعود شبّو على راحلته الحجرية وناقته الحَرُونْ ..ومن ثُنيات الوداع طلع البدر على الأنصار من جديد عند..نهاية الغَسَقْ...مِرْوَحَةٌ للبواسل تطحَنُ فيافي المَرْوَحَة (الصحراء) تكْسر الخيبات..وتبدد أمنيات الفشل..وأماني القانطين ..مثلما كسرت باسقات النخيل قبل 1444 خيبة الانصار بهتاف المعتلي ها هو رسول الله صلى الله عليه وسلم ..
من يومها انْبَجَسَ نور من يثْربَ ملأ أرجاء المعمورة...إلى اليوم الذي تجددت فيه الحكَايَةُ..حكاية تتجدد فى منحى من مناحيها في صبر شبُّو...
رغم قعوده على جُرفٍ هارٍ..بصبر لا ينفدُ باق ما بقيت هيللةٌ جيليةٌ تصقل النفوس..على رمال العارفين هناك..
صبرُ شبُّو على الجلوس على كرسيه العائم يخاله اللاهثون نوما ويعرف أهل العرفان أنه يقظة تملأ القلب ليسير بصبر في مجابات الحياة دون ضجيج ولا صخب ..صبر سيوصلنا إلى بر الأمان...مثلما أوصله إلى برّ الأمان.
فلا تخالوا صمت القادرين جبنا.. و إنما هو صبر العارفين...الذي يبعث الحياة مثلما بعث صبر شبُّو الأمل ..سنجنيه في هذه السنة الهجرية الجديدة بحق الأبدي القديم....أبشروا فقد بدأ الحصاد..في السبع القادمات....حصاد الصبر يأتي بالخير..خير بدأ بصبر من بُومْدَيْدْ مثلما وهو هو اليوم بدأ قبل ثلاث ستوات..وبصبر شبٌُو إِذْ نَادَىٰ رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ .
فَاسْتَجَبْنَا لَهُ فَكَشَفْنَا مَا بِهِ مِن ضُرٍّ ۖ وَآتَيْنَاهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُم مَّعَهُمْ رَحْمَةً مِّنْ عِندِنَا وَذِكْرَىٰ لِلْعَابِدِينَ.
أبشروا بالحصاد العميم في هذه السنة..
بقلم الفقيه القانوني هارون ولد إديقبي