البيان الختامي للملتقى التاسع لمنتدى أبوظبي للسلم أبو ظبي

خميس, 11/10/2022 - 23:38

البيان الختامي للملتقى التاسع لمنتدى أبوظبي للسلم

أبو ظبي 14-16 ربيع الثاني 1444 هـ / 08-10 نوفمبر 2022م

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد المبعوث رحمة للعالمين، وعلى إخوانه من الأنبياء والمرسلين وعلى آله وصحبه أجمعين؛ وبعد،

فانطلاقا من قول الله عز وجل (وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَىٰ ۖ وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ ۚ ، [سورة المائدة: 2]،

واستجابة للتّحديات الوجودية التي تواجه الإنسانيّة جمعاء، من تحديات الأزمة الصحية التي لا تزال تلقي بظلالها على أجزاء من العالم إلى تحديات الاقتصاد والتضخم الذي تشهده الأسواق العالمية، إلى تحدي الأمن والحروب والتوترات الحاصلة في مناطق من العالم،

واستشعارا للحاجة إلى تكامل الجهود، كلّ من موقعه ودائرة تأثيره، للإسهام في استعادة الضمير الأخلاقيّ للإنسانيّة، الذي يعيد الفاعلية لقيم الرحمة والغوث ومعاني التعاون والإحسان،

ووعياً بأهمية معالجة نزغات الحروب في العقول ونزعاتها في النفوس قبل أن تتحول إلى أفعال تدمّر البلاد وتفني العباد،

واستثماراً لما راكمه المنتدى من نتائج منذ تأسيسه سنة 2014، وما ظل يسعى له من توفير فَضاء للعلماء والباحثين العاملين على نشر رسالة السلم والتعاون على الخير،

واستلهاماً للرؤية الرشيدة لدولة الإمارات العربية المتحدة، والتي عبّر عنها صاحب السمو رئيس الدولة الشيخ محمد بن زايد حفظه الله في خطابه في شهر يوليو الماضي قائلا: " ستظل سياسة دولة الإمارات داعمة للسلام والاستقرار في منطقتنا والعالم.. وعوناً للشقيق والصديق.. وداعية إلى الحكمة والتعاون من أجل خير البشرية وتقدّمها"،

انعقد بأبوظبي الملتقى السنوي التاسع لـ"منتدى أبوظبي للسلم" تحت شعار " عولمة الحرب وعالميّة السلام: المقتضيات والشراكات" من 14 إلى 16 ربيع الثاني سنة 1444 هـ الموافق لـ 08 إلى 10 نوفمبر 2022م برعاية كريمة متواصلة من سمو الشيخ عبد الله بن زايد آل نهيان وزير الخارجية والتعاون الدولي بدولة الإمارات العربية المتحدة -حفظه الله- وبإشراف من معالي الشيخ نهيان بن مبارك آل نهيان، وزير التسامح والتعايش بدولة الإمارات العربية متحدة، وبرئاسة معالي العلامة الشيخ عبد الله بن بيه رئيس منتدى أبوظبي للسلم، رئيس مجلس الإمارات للإفتاء الشرعي.

وقد شارك في أشغال الملتقى مئات المشاركين ما بين وزراءَ وممثلي منظّمات أممية، ومسؤولي منظمات إسلاميّة، وسفراءَ وممثلي هيئآت حكومية ومراكزَ ومنظماتٍ دوليّة، ومفتين، وعلماء، وقضاةٍ، وقياداتٍ دينيةٍ، ومفكرينَ، وشخصياتٍ أكاديميّة، ونواب برلمانيين، وغيرِهم. كما حظي الملتقى بمتابعة الالاف لجلساته وأعماله عبر المنصات الإلكترونية و مواقع التواصل الاجتماعي، 

وقد افتتح الملتقى بكلمة ضافية لمعالي الشيخ نهيان بن مبارك آل نهيان عضو مجلس الوزراء، وزير التسامح والتعايش، جاء فيها"إن الإمارات بقيادة صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس الدولة “حفظه الله” تعتز بأن السلام والتسامح والأخوة الإنسانية، والتواصل الإيجابي مع الجميع، هي كلها مبادئ أصيلة في المسيرة الناجحة لدولتنا العزيزة".

كما شارك في الجلسة الافتتاحية أصحاب المعالي الشيخ الدكتور محمد بن عبد الكريم العيسى، الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي، رئيس هيئة علماء المسلمين، ومعالي حسين إبراهيم طه- أمين عام منظمة التعاون الإسلامي، وسعادة السفير رشاد حسين، السفير المتجول للحريات الدينيّة في وزارة الخارجية الأمريكية، وغيرهم.

وارتكز موضوع ملتقى هذا العام على السعي إلى تعميق البحث في التحديات الكبرى التي تواجه البشرية في الوقت الراهن، تحديات الأمن والصحة والغذاء والبيئة، متناولاً بشكل خاص إمكانات وتحديات التعاون والشراكة من أجل بناء عالم أفضل لجميع البشر. كما كان الملتقى فرصة لتبادل الآراء والخبرات بين الفاعلين في حقل السلم والتسامح، ولسبر آفاق التعاون لنشر قيم السلم والتعايش والتضامن حول العالم.

وشهد الملتقى في أيامه الثلاثة من خلال جلساته وورشه المتعددة، مناقشة موضوعات من أبرزها:

 · التحديات الأمنية الجديدة في ظل التطورات الحاصلة في النظام الدولي. 

 · التحديات الوجوديّة للسلم العالمي على مستوى الغذاء والصحة والبيئة.

 · دور القيادات الدينيّة في تحقيق السلم العالميّ.

 · أهمية الشراكات والتحالفات في حفظ السلم العالميّ.

 · عولمة الحروب وتحديات الأمن الروحي والنفسيّ.

 

كما أقيم على هامش الملتقى معرض للمنظّمات العاملة في حقل السلم والتعايش، شاركت فيه نخبة من المنظمات و الهيئات من مناطق مختلفة من العالم.

وقد خلص المشاركون في الملتقى التاسع لمنتدى أبوظبي للسلم 2022م، بعد تبادل وجهات النظر في القضايا المدروسة، مستحضرين خصوصية الظرفية العالمية، التي تلوح في أفقها مآلات المجتمع الإنسانيّ مفتوحة على احتمالات مرهوبة ومرغوبة، إلى ما يلي:

أولاً- النتائج:

 1. التأم مؤتمر هذا العام في وضع دوليّ مضطرب يزيد من مستوى التحديّات التي تواجه البشرية.

 1. أكدت الأزمات الراهنة والتوترات الحاصلة أن السلم كلّ لا يتجزأ، وأن أي إخلال به ستنعكس آثاره على البشرية في كل مكان.

 2. بينت الحروب الدائرة في أجزاء من العالم أن نزعات الحرب ما تزال كامنة في النفوس؛ ولذا فإن من مسؤولية القيادات الدينيّة كما رجال السياسة معالجة هذه الأفكار في النفوس والأذهان قبل أن تخرج إلى العيان. 

 2. نبهت النزاعات الحاصلة على أهمية الحوار لحل المشكلات البشرية ليكون اللسان بدل السنان، والكلام بدل الحسام، أداة لفصل الخصومات وفض النزاعات.

 3. انضافت الآثار السلبية للجائحة الصحية إلى العوامل المختلفة المسببة لعدم الاستقرار العالميّ لينعكس أثرها ارتفاعا في أسعار الطاقة، وأسعار الغذاء على المستوى العالمي، فزادت بذلك معاناة الدول الفقيرة، وتضاعف خطر المجاعة في كثير من دول العالم. 

 3. إن هذه التحديات الخطرة التي تواجه البشرية تطرح تحديات تتمثل في العمل على درأ خطر الحروب وتطويق النزاعات المسلحة، وتفعيل دور القيادات الدينيّة والروحيّة للإسهام في مواجهة هذه الأزمات وأن تشكل القيادان الدينية قوة اقتراح لإيجاد حلول لمشاكل نقص الغذاء والدواء وتوفيرهما للدول الأكثر احتياجاً في ظلّ التحديات الاقتصادية والتغيرات المناخية، التي تعصف بالبشرية جمعاء.

 

 4. تتجلى عولمة الحرب فيما بات يشهده العالم من تفشٍّ لحروب مستعرة في بقاع مختلفة من العالم، كما تتجلى في انتشار وانعكاس آثار هذه الحروب وتداعياتها على باقي دول العالم. 

 4. إن عالميّة السلام هي دعوة لمقابلة عولمة الحرب برد فعل مضاد بحيث نزيل العرض ونداوي المرض بجهود فض النزاعات وإقامة المصالحات.

 5. إن دعوة السلم دعوة لازمة وضرورة ملحة، لكن هذه الضرورة تتأكد عندما تشتعل الحروب وتراق الدماء وتستخدم القوة العنيفة بحيث يصبح التهديد عالميّا؛ ولذا فإن عولمة الحرب لا يمكن مقابلتها إلا بعالميّة السلام. 

 6. لقد أظهرت جائحة كورونا أهمية التعاون الدولي والشراكات متعددة الأطراف في مواجهة التحديات ذات الطابع المعولم، والتي لا يمكن لبلد بمفرده أو منطقة لوحدها معالجتها أو التعامل معها. 

 7. لاشك أن درجة التشابك بين مصائر الشعوب وأوضاعها في سياق العولمة المعاصرة فرضت الشعور الواعي بحقيقة الانتماء للبشرية كعائلة كبرى، وللأرض كوطن أشمل، من خلال تجسيد روح ركاب السفينة الذين يؤمنون بالمسؤولية المشتركة، وبالحرية المسؤولة المرشّدة، وبواجب التّضامن والتعاون.

 5. إن من وسائل عالميّة السلام أن نعمل بعقلية الإطفائيين فنسعى إلى إطفاء الحريق قبل السؤال عن من أشعله أو الحكم عليه أو وصفه أو وصمه بأيّ جرم، فالمهم أولاً هو إطفاء الحريق وإيقاف القتل والقتال قبل الحكم على الأعمال والأفعال. 

 6. إن المنظومة القيميّة المشتركة بين الأديان تُشكّل منطلقًا قويًّا وطاقة فريدة للإسهام في تحقيق الخير العام. فالأديان تدعو إلى الرحمة والمحبة والعفو والصفح والغفران والإصلاح بين الناس. 

 8. إن القيادات الدينيّة تخاطب العقول والقلوب وطموحُها أن يؤثر هذا الخطاب في الساحة، وتتلقاه آذان واعية، وقلوب مصغية؛ ليتحول إلى إدراك يجعل الحكمة أساسا، والتواضع منطلقا، والمصلحة هدفا، والترويج لقيم الحياة مبدأ، والقيم النبيلة قواعد للنظام العام.

 9. إننا نعتقد أنه من خلال جهود القيادات الدينيّة مع غيرها بإمكاننا أن نوصل صوت الحياة، صوت الحكمة للأخذ بحجزات الناس عن القفز إلى أتون الحرب والفناء.

 10. إننا في خضم هذه التحديات القاتمة والأزمات الخانقة، ما نزال نرجو ألا تخبو شعلة الأمل، وأن تؤدي الأزمات الحالية إلى رد فعل معاكس من شأنه خلق معاهدات جديدة، ليس فقط للحد من التسلح، بل لنزع الأسلحة النووية من خلال مواثيق دولية تحمي حقوق الدول وتصون مصالحها دون الحاجة إلى دخول الحروب واختلاق النزاعات.

 7. وختاما، فإن المؤتمرين يعتبرون جميع المشاركين في جهود السلم والتسامح حول العالم رسل سلام، وسفراء فوق العادة لنشر رسالة السلم والوئام، تعلّق البشرية جمعاء على جهودهم وأعمالهم آمالاً عظيمة. 

ثانيا – التوصيات  

وقد خلص المشاركون إلى جملة من المقترحات والتوصيات:

 1. نشيد بنموذج دولة الإمارات في التسامح والتعايش، ونوصي بأهمية الاستلهام بهذا النموذج الذي تتعايش في كنفه عشرات الأديان والثقافات والأعراق المختلفة، ومئات الجنسيات في أمن وأمان ومودّة واحترام.

 2. ندعو إلى المزيد من التفكير والعمل المشترك لوضع خارطة طريق للسلم العالمي.

 3. نوصي القيادات الدينيّة والنخب الأكاديميّة بإبراز قيم وجهود السلم وإيصال رسالة السلام إلى مجتمعاتهم في مختلف القارات وبجميع اللغات في مناشطهم المختلفة. 

 4. ندعو أن يتم التواصل مع شركات إنتاج المحتوى الإعلامي والرقمي لإنتاج مواد جذابة حول السلم والتعايش السعيد للوصول بجهود السلام إلى شرائح واسعة من المجتمعات حول العالم.

 5. نقترح القيام بسلسلة من الندوات والورش الأكاديمية مع الجامعات المرموقة حول العالم لتعميق البحث العلمي في مفاهيم السلام والتعايش بين البشر. 

 6. نوصي بتعزيز الشراكات والتعاون، وتنسيق الجهود بين الهيئات والمنظمات العاملة في صناعة السلم والتسامح والعيش المشترك حول العالم.

 7. ندعو إلى التعريف وتسليط الضوء على النماذج الإيجابية، والقصص الملهمة، والمبادرات الناجحة في مجالات السلم والمصالحات وميادين البيئة والامن الغذائي والصحة على مستوى العالم.

 8. نوصي أن تسهم القيادات الدينية والفاعلين المجتمعين في التوعية والحث على تحقيق أهداف الأمم المتحدة للتنميه المستدامة.

 9. ندعو إلى تعزيز وتفعيل دور الشباب والنساء في بناء السلم المحلي والعالمي وفي الإسهام في رسم السياسات وبناء الشراكات لتعزيز استقرار المجتمعات وحفظ السلم فيها. 

 10. نوصي بإدراج قيم السلم والتسامح في مناهج التربية والتعليم على المستوى العالمي، والتعاون مع المؤسسات الدوليّة ذات الاختصاص. 

 1. ندعو إلى تعزيز الشراكات بين المنظّمات العاملة في مجال السلم والمؤسسات الإعلامية العالميّة. 

 2. ندعو إلى تعاون متعدد التخصصات لإعطاء العناية اللازمة للتعامل مع التحديات النفسية والروحيّة التي تسببها النزاعات والحروب.

 3. نوصي باعتماد الحوار كوسيلة وحيدة لحل النزاعات والصراعات في العالم. والاستناد الى قوّة المنطق لا إلى منطق القوّة.

وفي الختام يوجه القادة الدينيون والعلماء والمثقفون نداء حاراً باسم الإنسانية لإيقاف الحروب أوالتهديد بها في النزاعات العالمية وبخاصة إيقاف الحرب الدائرة بين جمهورية روسيا الاتحادية وجمهورية أوكرانيا وإيقاف الاقتتال بين البلدين صوناً لدماء الشعبين ومحافظة على السلم العالمي واستجابة لتمنيات العالم ودعواته واللجوء إلى الحوار والوسائل السلمية لحل المشاكل والاشكالات بين البلدين الجارين والاحتكام إلى العقل والحكمة والمصلحة.  

ويطيب للمشاركين في الملتقى التاسع لـ"منتدى أبوظبي للسلم" أن يعبروا عن صادق شكرهم وجزيل ثنائهم لدولة الإمارات العربية المتحدة على رعايتها الكريمة، ودعمها المتواصل للمنتدى، ويرفعوا عبارات امتنانهم إلى صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس الدولة،  وصاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، وإلى أصحاب السمو حكام الإمارات، كما يتوجهون بعظيم الامتنان إلى سمو الشيخ عبد الله بن زايد آل نهيان وزير الخارجية والتعاون الدولي، على كريم عناية وجميل رعايته لأعمال المنتدى، داعين الله لهم جميعا بالتوفيق والسداد والعون، وأن يحفظ دولة الإمارات قيادة وشعبا ويديم عليها سابغ نعمه وأفضاله .

 

والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات.

وحرّر بأبوظبي في 16 ربيع الثاني سنة 1444 هـ الموافق لـ 10 نوفمبر 2022م

لجنة البيان الختامي.

إعلانات

تابعونا