"مر وهذا الأثر" جملة لا يجد أي عارف بالجنرال محمد ولد مگت صعوبة في تطويعها لصالحه، وهو الذي لم يمر على مرفق عام، ولا مكان خاص إلا وترك فيه أثرا شاهدا على مروره عليه.
كانت بداية محمد ولد مگت كبداية أي ترب من أترابه في أرض
لبراكنه، حيث بدأ مبكرا في دراسة القرآن والمقررات المحظرية، من فقه وسيَّر ولغة عربية مع اهتمام مبكر بالشعر (خاصة الحساني منه) وثقافة المجتمع البيظاني تحصيلا لفتوة بدأت طريقه إليها سالكة.
في هذه البيئة الرائعة بدأت تتكون شخصية "الفتى لمغني" محمد ولد مگت فيما ظلت جوانب أخرى تتعلق بالقيادة والحكمة وخدمة الناس وحب الخير لهم تتدرج مع الرجل ما تدرج في الوظائف وتقلب في المناصب.
قبل استقلال الدولة ب 3 سنوات (1957) ولد مگت وفي خضم ميلاد الدولة وفي أجواء غلفها الاستقطاب السياسي بين المثقفين البلد وسياسييه، وهكذا ألهمت تلك التجربة الوطنية الشباب ولد مگت تماما كما ألهبت أحداث خارجية حماي ولد مگت فكان أن التحق فالتحق بالمؤسسة العسكرية (1976)، وهو في التاسعة عشر من العمر، فاستقبلته المدرسة العسكرية لمختلف الأسلحة بمدينة أطار التي تخرج منها ضابط احتياط برتبة ملازم (1977)، ليتولى بعد تخرجه قيادة الوحدات العملياتية، قبل أن يعود إلى المدرسة العسكرية ثانية ملتحقا بدورة في سلاح الإشارة (الاتصال اللاسلكي)، ليتخرج منها ضابط عون برتبة ملازم، ثم ترقى بعد ذلك ليصبح ضابط قيادة.
تولى ولد مگت العديد من الرتب والمناصب العسكرية والمهام الأمنية، وقاد الكثير من الوحدات والتشكيلات والمناطق العسكرية، فظل يتدرج في الراب العسكرية إلى أن عين مديرا لأمن الدولة ثم قائدا لأركانها العسكرية.
وظل في كل ذلك يوزع الأخلاق والصرامة والجدية ومعاني الوطنية وقيم الإسلام.
رقى المنظومة الأمنية وطورها ومدها بالوسائل اللازمة حفظا لأمن البلد وحفاظا على أرواح أفرد أمننا وطواقمه وحفظا لممتلكات الناس، فنعم الوطن بالأمن والأمان، معززا الثقة بين الأجهزة الأمنية والمواطنين.
فعل ذلك في مختلف الدوائر الأمنية والعسكرية التي خدم فيها في جميع ربوع الوطن.
وليس ذلك فقط.. بل فعل النفس الشيء مع منظومتنا الدفاعية منذ توليه قائدا للأركان حيث شهد جيشنا تطورا ملحوظا سواء على المستوى اللوجستي أو على المستوى التكوين والعقيدة العسكرية والولاء للوطن.
يشهد على ذلك مستوى التسليح الذي يتمتع به الجيش الوطني الآن، والتحسن الكبير في وضعه المادي والزيادات المعلنة في رواتب مختلف الرتب العسكرية من الجنود إلى الضباط السامون.. فضلا عن الأكاديمات والمعاهد التعليمية والثانويات العسكرية كل ذلك عزز من المنظومة التعليمية الموجهة العسكري الموريتاني وتطوير منظومة التكوين المستمر، من أجل الرفع من مستواه المعرفي والأكاديمي.
ليس ذلك فقط بل ظلت أخلاق الرجل تبوؤه المنازل العليا في قلوب الناس فجمع حوله العسكري والمدني، المثقف والسياسي، الأكاديمي والشخص العادي، الكبير والصغير متمثلا في ذلك النهج الإسلامي الرفيع في جمع الناس وألفتهم ومحبتهم ونفعهم، فالناس عيال الله.. وأحبكم إلى الله أنفعكم لعياله.. فظل الرجل الذي يألف و يُألف.
وفي المجال السياسي ظهر ولد مگت سياسيا محنكا صاحب حكمة ظاهرة ورزانة نادرة.. فالف حوله أهل قومه وغيرهم مساندة ودعما.. فظهر صاحب وزن سياسي في وطنه عامة وجهته خاصة وما ذا إلا لعظيم أثره الذي ترك في نفوس عامة الناس ومحبيه خاصة.
والله الموفق.
الكاتب محمد عبد الله الحسن