تلعب الخدمات المالية ذات الأسعار المُيسرة، دورا مهما في توفير الخدمات المصرفية لنسبة كبيرة من الأشخاص الذين لا يمتلكون حسابات مصرفية رسمية، إلى جانب تسهيل انخراطهم في الاقتصاد الرسمي والمساهمة في التنمية الاقتصادية والاجتماعية.
وفي ظل بيئة الأعمال الحديثة أصبح واقع إدارة البنوك المحمولة التي أوجدها الاقتصاد الرقمي، عبر قناة الهاتف المحمول، التقنية الأكثر شيوعا لدى معظم البنوك وبالتالي فإنه في عالم الحسابات الإلكترونية صارت الأموال عبارة عن معلومات منقولة من خلال شبكات الاتصال.
وقد ساهمت خدمة بنكيلي في تطوير الشمول المالي في موريتانيا، لتوليها دورا أساسيا في تعزيز مستوى الاستقرار المالي وزيادة الرفاهية الاجتماعية والاقتصادية وتحقيق المساواة -نسبيا-، فتلك الخدمات باستخدام الهاتف المحمول، عززت درجة الشمول المالي، وساهمت في الفترة الأخيرة في زيادة حجم المعاملات التجارية وخفض تكاليفها، وكذلك توسيع وصول الخدمات المالية للأفراد ذوي الدخل المحدود والأفراد في المناطق الريفية، خصوصا وأن سياسة البنك المركزي الموريتاني تميل منذ سنوات إلى تقليص المعاملة بالنقود وعصرنة عمليات الدفع.
و تعتبر خدمة بنكيلي التابعة للبنك الشعبي الموريتاني،- أول بنك متكامل على الهاتف المحمول في موريتانيا- ، من أنجع الابتكارات المصرفية الإلكترونية الحديثة، والسهلة الاستخدام لتعزيز وترقية الدفع الإلكتروني في وتطوير التجارة الالكترونية وتسهيل إجراء المعاملات المالية للمواطنين وتحسين حياتهم اليومية ومن أبسطها الحد من أزمة السيولة النقدية، ورغم أن هذه الخدمات الجديدة لم ترقى بعد إلى المستوى المطلوب إلا أنها شهدت إقبالا كبيرا عليها من طرف المستثمرين من البنوك الأخرى ، وهذا ما ساهم بشكل فعال وملموس في الحد والتخفيف من أزمة السيولة النقدية.
كما حققت خدمة بنكيلي الهاتفية بدون الولوج إلى الإنترنت، وتيرة تصاعدية من النجاح المستمر، خصوصا في المناطق المعزولة والبعيدة عن الوكالات المصرفية وكذلك في المناطق النائية، وذلك النجاح ارتبط بأهدافها المنوطة بإدخال الأموال المتداولة في السوق الموازية إلى السوق الرسمية عبر الهاتف المحمول -والذي يكاد لا يخلو منه أي بيت-، وأثرذلك على فك العزلة المالية على مستهلكي الخدمات المصرفية وتوسيع دائرة الشمول المالي وبالمقابل تخفيض الإقصاء المالي، نظرا إلى أن نسبة الاندماج المصرفي لا تتجاوز 30%.
وحسب آخر إحصائية وصل عدد مستخدمي خدمة بنكيلي إلى أكثر من450 ألف زبون وهي نسبة معتبرة مقارنة مع العدد السكاني لموريتانيا، ليساهم ذلك في تعزيز القوة الشرائية للفرد، نظرا لسهولة المعاملات الزمانية والمكانية المرتبطة بذلك.
كما أنها ساهمت في الحد من وطأة البطالة، بالنظر إلى مئات الفروع للوكلاء والذين يُشكلون عملية تضامنية بين البنك والوكيل، و الذي بدوره يحصل على أرباح من كل عملية سحب أو إيداع للزبون، وهو ما شكل منافسة قوية للوكلاء التقليديين لتحويل الأموال -غزة وأخواتها- حيث انخفضت ارباحهم مقارنة مع الفترة التي تسبق هذه الخدمة.
وختاما، ومع اِستمرار معدَّلات اِستخدام تقنيات الهاتف المحمول في الاِرتفاع على مستوى الوطني، وتطور خدمات الإنترنت، واستمرار التجارة الإلكترونية في الحصول على حصّة سوقية ضخمة مقارنة مع التجارة التقليدية، فإن الخدمات المصرفية الحديثة ستصل إلى معظم الجمهور المستهدف، وبالتالي سيصبح التعامل الإلكتروني أسهل، ويوماً بعد يوم سيزداد الاتصال بالعالم الرقمي.
محمد عبد الله محمد جدو/ باحث اقتصادي/ إطار مالي في الصندوق الوطني للتأمين الصحي