من المهم التذكير الآن بأن عملية تصحيح الباكلوريا ما تزال تخضع، في بعض جوانبها، للزبونية والترضيات.
إن وجود معلمين وأساتذة غير مختصين في المادة المصححة، أو مختصين فيها لم يدرسوا السوابع - جنبا إلى جنب مع المصححين المستحقين، تلاعبٌ بمستقبل التلاميذ، وتدمير لجهود الأساتذة، ومن خلفهم الأسرة، وهذا المشهد تكرر طوال السنوات الماضية.
يقترح مدير المدرسة أساتذة من طاقمه للتصحيح، وذلك الاقتراح قد لا يسلم من الشد والجذب التي يعتري علاقته بأساتذته، ثم يرسل اللائحة إلى الإدارة الجهوية، التي لها هي الأخرى مآربها، ولها أيضا حساباتها مع بعض المعنيين بالأمر، ثم ترسل اللائحة بعد ذلك إلى مديرية الامتحانات، وترسلها إلى المفتشية لتزكية الأسماء، وحضور المفتشية هنا لا يختلف كثيرا عن حضور ابن عمر، رضي الله عنهما، في مجلس الشورى، وعن "مشورة فم القربة". ثم تصدر المديرية الاستدعاءات للأساتذة، ولا يمكن التأكد من أنها لم تتصرف في اللائحة بالنقص أو بالزيادة، فمثلها من العلل كثير في قوافي الإدارة.
وتبدأ عملية التصحيح، فيتغيب بعض المدعوين، ويتدخل رئيس المركز لتعويض الغُيّب، يختارهم، عادة، من ذويه ومعارفه، وقد يلجأ للقرعة، وقد يختارهم عشوائيا من الواقفين أمام الباب.. وحتى لو سلمنا بأنه ينتقيهم حسب خبرته بهم، فإن الظلم يبقى قائما؛ لأن الأستاذ، بهذا المنطق، لا يستحق التصحيح ما لم تعرفه أنت!!!!
في قاعة التصحيح ستلاحظ أن بعض المصححين لا يحب أن يسأل عن هُويته، وكأنه فتاة سئلت في سهرة العيد عن سنها! وإذا قدمت له نفسك، عاملك بما عامل حذيفة بن اليمان معاوية بن أبي سفيان يوم الأحزاب، رضي الله عن الجميع.
إن العدل يقتضي أن يكون إسناد التصحيح من اختصاص المفتشين، فهم المطلعون حصرا على المستويين التربوي والأكاديمي للأساتذة، ويقتضي أن يكون حقا لمدرسي السابعة الأدبية المتخصصين في الأدب، لا مدرسيها الذين جاؤوا ضمن حلول ترقيعية، بوصفهم خيرا من لا شيء.
كما يقتضي العدل إظهار لائحة المصححين المقترحة في المرحلة الأولى، واللائحة الأخيرة التي انبثقت عنها، مع وجود خانات تعرف بأقدمية الأستاذ، والقسم الذي كان يدرسه، ومكان العمل، والمؤهلات العلمية والتربوية.
ينبغي أن توضع معايير واضحة للتصحيح، وأن يكون حقا لمستحقه من الأساتذة لا يمنيه به أحد، ولا يمنه عليه، ولا يهدده بالحرمان منه.
المفتش ممو ولد الخراش