إن حجم الضجيج المتصاعد منذ الإعلان عن زيارة الرئيس الولاية يكشف بجلاء حجم التحول الحاصل فى ميدان اللعبة السياسية في مقاطعة مال، وهو ما أضحى جليا خلال أحداث ما بعد الزيارة أو مادار في كواليسها هو بالفعل السبب الرئيسي وراء صدمة التى يعانيها بعض كبار المرابين والمتاجرين بالنفوذ السياسي في المقاطعة، ذلك لأنهم وقفوا على حقيقة الانتماء السياسي لكثير من منتسبي الأحلاف والتيارات، وهنا وفق ساسة المقاطعة على واقع مختلف عما أقنعوا به الأنفس عشية وصول الرئيس محمد ولد الشيخ الغزوانى للولاية، وأستغلوا من أجل ترويجه وتأكيده البطانة التى يلعبون بها كل وقت.
إن اللغة التي يفهمها السياسيون هي لغة الجماهير خاصة إذا كتبت بمداد الحشد من دورات الاستعراض، أما مداد الأقلام فكلام عابر متجاوز بالنسبة للكثير منهم، وذلك ما استوعبه بعض السياسيين وجسدوه واقعا ملموسا، فكانوا في الحشد أقوى وفي التنظيم أنجحوا حتى أصبحوا الهاجس لسواهم والكابوس الذي يهذي خوفا من سحبه البساط منه بسبب منافسته إياه.
إننا لا نتحدث عن تحركات سياسية تسير بتنسيق في توجه حزبي يسعى لخلق خريطة سياسية جديدة حسب كل تصور سياسي لكل تيار سياسي قائم هاجس حلمه أن يكون وحده الرائد في المشهد وبأطماع سياسيين محليين، بل نتحدث عن تحالف سياسي جديد في تحالفه قديم في وجوده بمعنى أنه حديث في الزمان قديم في الوقوع وهو ورغم حداثة سنه إلا أنه كان سببا في أن تخور قوة الكبار حتى أصبح بالفعل والقوة لهم كابوسا سياسيا تهدد نفوذهم الجهوي ويزاحمهم حتى في أقرب منتسبيهم.
فعندما قرر إخوة وشركاء لنا في السياسية الانخراط في في التحالف السياسي الوليد في مقاطعتنا الفتية مال "التحالف من أجل الجمهورية" أثار ذلك استغرابنا من طبيعة التحول المفاجئ الذي حدث في مواقف السياسية ولكننا لم نكترت لطبيعة ماحدث واكتفينا بموقف المراقب عن بعد لما جرى ويجري في ذلك المشهد السياسي المقاطعي عموما وفي دوائرنا الاجتماعية بوجه خاص أدركنا بالفعل أن قوة سياسية قادرة التأثير في المشهد المقاطعي قد ألقت بثقلها في المقاطعة، وإذا حاورت أحد منتسبيه أو جالسته تدرك بجلاء أن السبب في انتمائه له لا يعدو مسألة من مسألتين: أولاهما خيبة الأمل التي أصابته في انتمائه السياسي القديم ويزيدك من الشعر بيتا ويقول إن التحالف لم يكن شعارا مرفرفا أو عنوانا براقا بقدر ماكانت واقعا ملموسا جسدته إرادة رجل يعمل بصمت حين يعجز الٱخرين وتخور قواهم، رجل في السياسة كان للمظلومين حين تخلى عنهم البعض في منتصف الطريق ووأدوا أحلامهم وكانوا مع ذلك يتحدثون عن الوفاء ويطالبون بالولاء للتأثير الإيجابي من أجل تحقيق مبادئ الإنصاف في عهد يطالب فيه الكل بالإنصاف ويرفع فيه الإنصاف شعارا لدى الجميع.
قد تستغرب من قولنا إن التحالف السياسي من أجل الجمهورية في مقاطعة مال بمثابة كابوس للسياسيين ولكن ذلك سيبدو لك منطقيا ومفهوما إذا عرفت بالبداهة أن السياسة فن، لكنها بالتأكيد ليست فن الممكن فقط، بل هي فن الترويض، والتغيير، تحويل المستحيل إلى ممكن، والصعب إلى سهل، والضعف إلى قوة، والفوضى إلى نظام، والعصيان إلى طاعة وانتظام، بالفعل هي فن، لكنها فن تفجير الطاقات، واستغلال المواهب، وتوظيف القدرات، وصناعة الحياة، وتحصين الشعوب بالأمن والأمان، وإشعار الناس بذواتهم ومخاطبتهم بالملموس كي يكون بداية وتحسيدا لعهد يضمن للتحالف أن يكون تحالفا في مستوى تطلع الثوار السياسيين في المقاطعة على الواقع الذي عانوا منهم كثيرا وانتظروا مخلصا منه فجاء المولود الذي طال انتظاره.
تحليل سياسي
سيد أحمد عبدي