لم يتفاجأ المراقبون باختتام المأمورية الأولى لرئيس الجمهورية، السيد محمد ولد الشيخ الغزواني، بالانفتاح على الطيف السياسي بمختلف مشاربه، حتى ذلك الجزء الجانح منها للتشدد، تماما كما بدأ مأموريته الأولى بالتهدئة السياسية التي أنتجت جلوس قادة الفعل المعارض على مدى عقود، كالزعماء أحمد ولد داداه ومسعود ولد بلخير ومحمد جميل ولد منصور... وغيرهم، في مقدمة صفوف داعمي الرئيس في حملته الانتخالية الأخيرة، وفرضت حزب التجمع الوطني للإصلاح والتنمية (تواصل)، لأول مرة، للاعتراف بنزاهة العملية الانتخابية الأخيرة.
لقد ترك ولد الشيخ الغزواني بصمته المميزة في المشهد السياسي الوطني، منهيا بذلك عقودا من التدابر والتنابز بالألقاب بين الساسة في الموالاة والمعارضة، حتى وصل بهم الأمر حد القطيعة.
اليوم، وبعد انتخابات رئاسية شهد القاصي والداني على نزاهتها، وبعد إصرار المرشح الرئاسي بيرام ولد الداه اعبيد على التغريد خارج السرب، مدعوما بحركة افلام الانفصالية، تبرز حكمة ورزانة رئيس الجمهورية الذي أصر على منحهم حق التظاهر من خلال ترخيص مهرجان مخصص لكيل الشتائم له ولنظام حكمه، وللتشكيك في نزاهة تزكيته ونجاحه وشرعية قياده للمأمورية الثانية.
ورغم طي صفحة ملف الانتخابات الرئاسية بعد اعتراف الخصوم وشهادة المراقبين وإجازة المجلس الدستوري للنتائج، أظهر ولد الشيخ الغزواني معدنه النفيس وثقته العالية في النفس واحترامه لآراء الآخرين، مهما تطرفت تلك الآراء وبدت خارج عن سياق الإجماع.
إن ترخيص مهرجان بيرام وافلام اليوم يعتبر رسالة تطمين للرأي العام بأن سياسة الانفتاح واحترام المعارضة وتمكينها من التعبير عن آرائها بكل حرية، ستظل قائمة خلال المأمورية الرئاسية الثانية للرئيس المنتخب محمد ولد ولد الشيخ الغزواني، وأن رؤيته لاتساع موريتانيا للجميع ستظل قائمة كما كانت في المأمورية الأولى.
غير أن المراقبين يرون أن هذا الانفتاح لم يكن صادرا عن ضعف النظام، أو استهتاره بالأمن، فالأسابيع الأخيرة، كما كل السنوات الخمس الماضية، أثبتت أن التلاعب بأمن المواطنين وأرواحهم وممتلكاتهم خط أحمر لدى الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني، فلم تساوم الأجهزة الأمنية في ذلك ولم تتهاون، وضربت بيد من حديد كل من سولت له نفسه زعزعة الاستقرار، وسارت حياة الناس ومصالحهم، وكأن شيئا لم يحدث، رغم المؤامرة والكيد اللذيْن تعرضت لهما البلاد بالتزامن مع إعلان نتائج الانتخابات الرئاسية الأخيرة.
إن الضرب بقوة وحزم على أيدي المحاولين لزعزعة الأمن والاستقرار، والترخيص لمهرجان بيرام وأفلام المغرديْن خارج سرب الاجماع الوطني، لهما رسالتان يجب أن تصلا إلى الكل، مفادهما أن للنظام بابين، هما باب الأمن والاستقرار الذي لن يفتح أبدا وستقطع اليد التي تمتد لفتحه، وباب الحرية والتشاور الذي لن يغلق أبدا أمام الساسة ومن ينتسبون للسياسة.
وكالة الوئام الوطني للأنباء