يبدو أننا لا نزال نعيش بعيدين كل البعد الواقع والمثالية التي ندعيها وبسنوات ضوئية إذا تعلق الأمر بالتعيين، فلا توجد معايير ضابطة ولا استراتيجيات منتظمة يتم على أساسها تعيين الموظفين في مناصب ذات قيمة معنوية أومادية فلا الكفاءة ورقة رابحة في هذا المجال لأننا بكل أسف استبدلنا بالمحاصصة والزبونية ولم نراعي في ذلك عرفا ولا شرعا ولاقانونا وكأننا نستبدل الذي هو أدنى بالذي هو خير.
في بلدي هناك من يستكثر عليهم رئاسة قسم لا يعلم له من الوجود غير الإسم أما أن يكون طموحه مصلحة أو إدارة مركزية أو مستشار أو أو فتلك نعمة لا ينبغي أن تعطى لغير مستحقيها بالمعيار الاجتماعي في أروقة إداراتنا وليس ذلك طبعا من الفساد في شيء بل هو الإنصاف بالمفهوم الفلسفي الجديد لذا فإن أمثالنا لا يستحقون فوق ما أعطوا وهو كثير في نظر البعض.
في بلدي لكي تحصل على تلك الامتيازات التي تلائم حجم تتطلعاتك لا بد أن تكون مقدما من جهة عليا أو شخصية وازنة ولن تقدمك طبعا للمناصب السابقة الذكر إلا بعد امتحان في الولاء يغيب فيه مفعول الضمير يخضع له الممتحن زمانا اجتماعيا طبقيا واجتماعيا سياسيا
عايشنا هذه التجربة المرة ومع ذلك بحدثوننا عن الشفافية والإنصاف ويحاضرون عن الديمقراطية والمساواة والواقع ينبأ بعكس ما يدعون فلم تجاوز بعد ذلك المربع الذي كنا فيه منذ عقود ولا بوادر مع الأسف الشديد لتجاوز هذه المعضلة وليس أمام الشباب ذوي الكفاءات من الطبقات الهشة إلا السير بجنب حائط الساسة وملازمة ظلهم كي ينالوا بعض حقوقهم ولن ينالوا كاملة واسالوا أهل مكة فهم أدرى بشعابها.
(الإنصاف الحقيقي للكفاءات وذوي الحقوق هو استئصال ورم المحاصصة من جسم إدارتها)